Saturday, November 3, 2007

مدير التحرير الفنى فى عالم يتغير


مدير التحرير الفنى فى عالم يتغير

محاضرة بمعهد الأهرام الإقليمى للصحافة لمجموعة من المديرى الفنيين الليبيين
ألقاها: أنور عبداللطيف

الصحافة كمنتج هي

1- طباعة جيدة.
2- خدمة ممتازة.
والطباعة الجيدة والخدمة الممتازة هى محور عمل مدير التحرير الفنى فى الصحف الحديثة:
· طباعة جيدة
تعنى مسايرة أحدث تكنولوجيا العصر فى مجال:
1- الجمع وفصل الألوان.
2- تنفيذ الصفحات.
3- طباعة الأفلام والألواح الطباعية.
4- الأحبار والورق.
5- ماكينات الطبع: - إعداد الماكينة- السرعة- التغطية فى أماكن التوزيع.
· خدمة ممتازة:
1- كفاءة التحرير
فى الماضى كانت مهمة المدير الفنى تبدأ من وصول المادة التحريرية إلى السكرتارية الفنية من الدسك المركزى.
الآن أصبحت أساليب جمع المادة الصحفية التى تتم عن طريق المحرر يعتمد تقنيات حديثة لابد أن يتابعها المدير الفنى لتأمين عملها كما تمتد أيضا لتأمين حصوله على الصور الموثقة للحدث.
2- التفاعل الدائم مع الأحداث.
3- تصميم يعبر عن فلسفة الجريدة التحريرية.
فنحن نعرف أن عملية إنتاج الصحيفة تنقسم إلى ثلاث عناصر:
1- رسالة صحفية.
2- تصميم : أساسى يعاد النظر فيه كل مرحلة زمنية لأسباب تحريرية أو تكنولوجية أو اجتماعية، أو تصميم متغير يوميا مرتبط بطبيعة الأحداث المتغير وطبيعة كل صفحة، وهو مرتبط بالأحداث وعناصر كل موضوع تحريرى.
3- التنفيذ: القدرات الشخصية للمنفذين، ومدى استيعابهم لطبيعة العمل الصحفى، البرامج المستخدمة، الأجهزة والمعدات، شبكة العمل.
بمعنى آخر فإن دور المدير الفنى العصرى فى عملية إنتاج الصحيفة تشمل:
- الوسائل المستخدمة فى أداء المحررين لعملهم.
- كفاءة شبكة العمل فى صالة التحرير ومدى استيعابه لمتطلبات العصر.
- مسارات العمل بين الأقسام هى تنقسم إلى:
· مسار يدوى (نقل الأدوات والمعلومات من قسم إلى آخر باليد.
· مسار إلكترونى (عبر شبكة العمل الإلكترونية).
باختصار المدير الفنى هو الشخص أو مجموعة الأشخاص التى تتولى أو تهتم أو المنوط بها اتخاذ القرارات المتعلقة بشخصية الجريدة الإخراجية وشكلها.
فى الأهرام تقسم مسارات إنتاج الأهرام بشكل يومى فى اتجاه أفقى أو هرمى إن صح التعبير كالتالى:



التحرير

الإعلانات

المطابع


التوزيع


مسار الإنتاج اليومى للأهرام كمنتج
والشريان الذى يمتد عبر هذه الإدارات مخترقا الفواصل الإدارية بشكل رأسى هى خط إنتاج الجريدة والذى يتجاوز الفواصل بين الإدارة.. وبقدر ما يتاح لخط الإنتاج من قدرة على تجاوز تعقيدات أو روتين الإدارات المختلفة بقدر ما يكون نجاحه.
وخط الإنتاج هذا أيضا يتأثر سلبا وإيجابا بالانسجام بين إدارات الأهرام المختلفة ومدى كفاءة كل إدارة على حدة ومدى مواكبتها لمواصفات العمل الصحفى الحديث.
وبالتالى من المتوقع أن يتأثر خط إنتاج الأهرام فى المستقبل بدعوة التحديث الأخيرة التى أرسلها رئيس مجلس الإدارة إلى إدارة العمل المختلفة للأهرام، طالبا منها المشاركة بالرأى كل حسب إدارته فى تحديث مسارات العمل لتواكب العصر.
والواقع أن الأهرام منذ دخل عصر الصحافة الحديثة كان حريصا على أن يأخذ بالأسلوب الأكثر تقدما وهو ما يجب أن يكون هدف كل وسائل الإعلام فى الدول الناهضة لأن ذلك كما يقول الأستاذ محمد حسنين هيكل فى مقاله عام 1970 عند الانتقال للمبنى الحديث. "يوفر على هذه الوسائل تكاليف تجارب سنوات من التخلف سابقة ويؤمن نقلة حضارية يكفيه نفقة أخرى قادمة".

وهكذا فإن المدير الفنى هو الشخص الذى يترجم فلسفة التحرير إلى واقع فنى ملموس قابل للتنفيذ وتصور فنى يشمل:


معدات وتجهيزات ماكيت أساسى "ماستر" يحتوى على
وبرامج وخطوط إنتاج الملامح الرئيسية للإصدار
وهناك فرق بين سكرتير التحرير الفنى والمدير الفنى، الأول ومهمته تسيير العمل بشكل يومى وفقا للخطة الفنية الرئيسية التى تم تحديدها ووضعها المدير الفنى بدءا من رسم الماكيت ومتابعة تنفيذه فى أقسام الجمع والتنفيذ والتصميم والمطابع وحتى صدور الجريدة.
أما المدير الفنى فهو إضافة إلى مسئوليته عن وضع التصور الفنى الشامل لكيفية إصدار جريدة بشكل يومى أو دورى فهو أيضا مسئول عن تقييم الأداء اليومى وإبداء الملاحظات وإدخال التعديلات والتطويرات التى تحافظ على استمرار الارتفاع بمعدل النجاح ومعايشة للتطورات الفنية أولا بأول.
والمدير الفنى الذى أتحدث عنه هو مسمى على دور وليس بالضرورة أن يكون تحت مسمى المدير الفنى فى كل الصحف..
فمن الممكن أن يقوم بهذا الدور رئيس قسم السكرتارية الفنية أو سكرتير عام التحرير أو نائب رئيس التحرير للشئون الفنية، كما أن بعض الصحف تعظم هذا الدور تطلق على من يقوم بهذا الدور اسم "رئيس التحرير الفنى" مثل صحيفة "وجهات نظر".
وفى المقابل من الممكن أن يتقلص دور المدير الفنى ليصبح مجرد حلقة وصل مسئول فقط عن رسم الماكيتات بشكل يومى.. وليس له علاقة بالتنفيذ ولا له علاقة بالرؤية الفنية.
فى الأغلب هناك عوامل تحدد أدوار المدير الفنى هو:
- السياسة التحريرية.
- مدى استقلالية الأجهزة التحريرية.
- النمط التكنولوجى لإنتاج الجريدة.
- طبيعة المادة الصحفية ومدى تخصص الدورية.
- تصور العاملين للجريدة بالشكل الأمثل للآداء.
وقد أثبتت الشواهد أنه كلما كانت الجريدة تصدر من مؤسسة مستقرة وقوية ومتطورة كلما زاد الإيمان بالتخصص وزادت صلاحيات الأجهزة الفنية بما فيها دور المدير الفنى وفريق العمل الفنى كل فى تخصصه.
والعكس يقل دور الأجهزة الفنية ويقل الاقتناع بأهميتها كلما كان العمل غير مستقر الصدور ولا يصدر عن مؤسسة قوية بل غالبا ما يصدر عما يسمى بصحافة الشنطة وهى صحافة تهدف إلى الربح السريع، ومن سماتها عدم الاستقرار فى الصدور أو فى الشكل، وليس لها شخصية طيبة ثانية.
وعلى كل الأحوال كلما زاد التطور الذى تصل إليه المؤسسة الصحفية كلما زادت الحاجة إلى المدير الفنى والعكس صحيح أيضا..
وفى الأهرام زادت الحاجة إلى سكرتير التحرير الفنى مع التقدم التكنولوجى الذى طرأ على أساليب العمل بها ومع انفتاح الأهرام على العصر وإطلاعه على تجارب المؤسسات المتقدمة فى صناعة الصحافة.
ومع تزايد الاهتمام بالشكل "والتغليق" كوسيلة لحسم المنافسة بين الصحف كمنتجات لمؤسسات صحفية زاد الاهتمام بدور المدير الفنى والمصمم والذى يمكنك أن تتخيل حجم التغيير الذى طرأ على العملية الفنية بالأهرام وغيرها من الصحف العربية بتقليب الأعداد التى كانت تصدر فى بداية القرن الماضى، فقد كانت الجريدة عبارة عن 4 صفحات أو 8 صفحات كل صحفة 8 عمود بالطول يتم ملء المساحة بدءا من العمود الأول فى الصفحة الأولى ثم العمود الذى يليه حتى العمود الأخير فى الصفحة الرابعة أو الثامنة بالترتيب أما الآن فالأمر مختلف..
- منافسة بين أعداد كبيرة من الصحف.
- دخول الصور والألوان والرسوم.
- تكاليف العملية الصحفية وزيادة الحاجة إلى التوزيع والإعلان كوسيلة للدخل.
من هنا ظهرت الحاجة إلى أقسام الترويج والدعاية فى الصحف.. وأبحاث القراء والمقروئية التى أجمعت كلها على الشكل فى جذب القارئ.. وإقناعه بالتميز فى المضمون.
وفى الأهرام لم ينقطع البحث يوميا فى كيفية زيادة كفاءة التحرير
وكانت كل نتائج البحث تؤكد دائما على ضرورة:
1- التفاعل الدائم مع الأحداث.
2- الثورة الهادفة فى تصميم الجريدة.
3- برامج تطوير الأداء المهنى.



التفاعل مع الأحداث عن طريق:
1- شبكة هائلة من المحررين والمراسلين المقيمين والمتنقلين داخل البلاد وخارجها فى مناطق الأحداث الساخنة حول العالم، وسرعة الاستجابة للقضايا التى تشغل اهتمام القراء.
2- طبعات زمانية ومكانية على مدى 24 ساعة.
3- ربط الأهرام بشبكات المعلومات الدولية وخدمات الصور والوكالات والخدمات الصحفية.
وحتى وقت قريب وقبل القفزة التكنولوجية الهائلة فى مجال المعلومات والاتصالات كانت مهمة المدير الفنى تبدأ بعد وصول المواد من الدسك المركزى المعنى بتدقيق المعلومات وتطبيق السياسة التحريرية وتحديد أولوياتها والصالح منها للصفحة الأولى والصفات الداخلية.. ثم متابعة عملية تصميم صفحات الجريدة المختلفة فى السكرتارية الفنية وإنتاج الصفحات فى أقسام المراجعة والتصحيح والجمع التصويرى والتنفيذ وتجهيز الألواح الطباعية فى عملية الطبع.
ومن المهام الأساسية للمدير الفنى فى كل هذه المراحل هى اختصار عامل الوقت لأنه كان يكسب القارئ مهلة أكبر للحصول على آخر تطور للحدث أو انتظار وقت أقل من قراء الصحف الأخرى لقراءة الخبر فى صحيفته.
واختصار عامل الوقت كان محصورا فى تطوير أجهزة استقبال المواد والصور الملونة والأبيض والأسود ثم فى اختصار مراحل الجمع المعروفة والتنفيذ حتى إعداد اللوح الطباعى لكل صفحة اختصار الوقت الذى تحتاجه كل صفحة من 6 ساعات فى عصر توضيب الصفحة بالحروف الساخنة منذ استلام المادة التحريرية حتى مثول الجريدة للطبع إلى ثلاث ساعات فى مرحلة التنفيذ بالأفلام والبرومايد إلى ساعة واحدة فى عصر استخدام أجهزة الماكنتوش فى التنفيذ.
وقد تعاظم دور المدير الفنى مع التطور الهائل فى برامج النشر الصحفى والسرعة الفائقة التى طرأت فى مجال نقل الخبر والصورة التقنية العالية التى حدثت فى خطوط إنتاج الصحف لدرجة أن إنتاج قصة إخبارية عن حرب فيتنام فى بداية السبعينات من القرن الماضى فى صحيفة مثل الأهرام كان يحتاج 7 أيام على الأقل، حيث تلتقط الصور فى ساحات القتال، ويكتب الخبر ويوضع مع الأفلام فى أكياس تنقل إلى العاصمة سايجون ثم إلى طوكيو، ثم إلى واشنطن، ثم مركز وكالة الأنباء، وحيث تطبع الأفلام ويبث الخبر والصور على الوكالة التى كانت تحتاج 4 ساعات للصور الملونة وحدها، الآن فى حرب لبنان أو العراق أصبح إنتاج قصة إخبارية لا يستغرق فى تصويره، ونشره أكثر من ثانيتين ونصف!
وأصبحت المهمة التى اتصور أن يقوم بها مستقبلا المدير الفنى فى الأهرام هى:
1- متابعة عملية تدفق الأخبار والمعلومات إلى المطبخ الصحفى فى دسك الأقسام المختلفة ومتابعة الجديد من البرامج التى تحقق التدفق الآمن للمعلومات عبر الشبكة.
برنامج رابيد براوزر Rapid Browser على سبيل المثال يستطيع أن يمدك بالأحداث أول بأول دون حاجة إلى الدخول على مواقع الوكالات العالمية كل على حدة.
2- تقوية شبكات الدعم والأرشفة للمعلومات والصور والرسوم أو الأشكال، حيث أن هناك برامج مثل adobe incopy يزودك بحزمة أخبار News packages حول قضية معينة ويحتفظ بها لحين استدعائها بالصوت والصورة والرسم والمعلومات.
بحيث تصلح هذه الحزمة لبثها عبر الصحيفة أو الشبكة الإلكترونية أو الموبايل أيا كانت وسيلة النشر.
3- وضع الرؤية الفنية الشاملة عن الشكل الأمثل لإعداد المادة للنشر، ومتابعة آخر أجيال البرامج المتطورة التى تحقق أغراض شتى فى نفس الوقت مثل الأوروبى إن دزاين
adope in design
تختصر الوقت والمسافة على الذاكرة.
4- النشر بمختلف وسائله سواء المطبوع على الورق أو المبثوث عبر شبكة الإنترنت.
5- متابعة برامج التطوير والتحديث التقنى الخاصة بالمحررين والمخرجين على أساليب العمل الصحفى الحديث.
وحين تكون مدير فنى لصحيفة عريقة تعدى عمرها الـ 140 سنة عليك أن تنتبه فأنت وصى على تقاليد عريقة وقيم نفيسة وموروث من الالتزام لا يقدر بمال وصورة ذهنية لمطبوعتك فى عقل القارئ كما يجب أن تنتبه أيضا إلى أن هذه العراقة لا تتحول إلى قيد يمنعك من الحركة إلى الأمام فى عصر يشهد منافسة شرسة من وسائل إعلام وإخبار سريعة ومتنوعة!
باختصار كمدير فنى للأهرام إلى جانب ممارسة أساليب العمل الحديث عليك أن تقدم رؤية فنية فى إخراج وتصميم الصفحات يتناسب بلا شك مع طبيعة العصر وطبيعة القارئ.
هذه الرؤية تحقق:
1- الطابع الإخبارى التفسيرى.. بحيث لا تركز على الخبر الأحدث فقط بل أيضا الخبر الأهم الموسع الذى اعتاد عليه قارئ الأهرام ويتوقعه منك، بزيادة عدد القصص الإخبارية الموسعة فى كل صفحة إلى جانب صفحات التحقيقات والتحليلات والرأى والصفحات العلمية.
2- سهولة الملاحة عبر الصفحة الواحدة.
3- تحقيق الوحدة العضوية بين أركان الجريدة سواء داخل الصفحة الواحدة أو عبر أبواب الصحيفة المختلفة خاصة فى حالة صحيفة يزيد عدد الصفحات بها عن 32 صفحة يوميا وبها كم هائل من الصفحات الإعلانية يصل أحيانا إلى 50% من عدد الصفحات.
4- تبويب الجريدة يوميا بما يحقق التوازن بين التحرير كرسالة مقدسة وحق للقارئ وبين الإعلان كخدمة وكمصدر متميز لدخل الأهرام.
ورغم التقنية العالية التى حدثت فى خطوط إنتاج الأهرام إلا أن القضية وحدها لا تكفى لضمان الاستفادة منها لأن النجاح التقنى لأى صحيفة تسابق الوقت يعنى
- دورة عمل مبسطة.
- توحيد مسارات العمل داخل أقسام التحرير.
وهذا يحتاج إلى :
- ربط أقسام التحرير بشبكة إلكترونية واحدة، وهذا لم يحدث حتى الآن.
- تدريب الصحفيين على استخدام الكومبيوتر كل حسب دوره فى العملية الصحفية، المحرر والدسك المركزى وسكرتير التحرير الفنى والتصحيح والمصور، ومصمم الإعلانات.
- وإذا أمكننا تحقيق ذلك بشكل جيد نضمن:
- توفير الوقت.
- توفير خامات عديدة مثل الورق والأحبار والأفلام.
- اختصار مراحل كاملة من دورة العمل مثل التنفيذ والجمع والاستفادة من الفنيين العاملين بها فى أماكن أخرى والحد من التعيينات فى هذه الأقسام.
وإذا كان هذا التبسيط فى خطوط الإنتاج يمكن أن يحدث فى الصحف الحديثة أو المؤسسات التى خططت لهذه النقلة التكنولوجية منذ 10 سنوات مضت وما يعنيه ذلك من وقف التعينات فى أقسام معينة، أو التى تسعى على اختصار العمالة إلى الحد الأدنى المطلوب فقط فإنه لا يمكن أن يحدث فى صحيفة كبرى مثل الأهرام فى المستقبل القريب قبل أن يودع الصحفيون طريقة التفكير بالورقة والقلم .. والبحث الهادئ وبطريقة إنسانية للاستفادة من العمالة فى الأقسام التى ستختصر من خطوط إنتاج الأهرام بشكل يومى.
وسوف يستمر دور "المدير الفنى" طالما بقى هناك فاصل زمنى بين صرخة رئيس التحرير "أوقفوا المطبعة.. هناك خبر هام" وبين نداء بائع الصحف:
"أهرام.. أهرام.. اقرأ الحادثة" أما حين يكون هذا الفاصل الزمنى يساوى صفرا، فلن تكون هناك طباعة ولا ورق ولا صحفيون، إنه الزمن الذى يصبح فيه كل من يملك كاميرا أو جهاز محمول يملك مؤسسة إعلامية!
أنور عبداللطيف
5/8/2006

No comments: